أثارت صور لتعذيب ناشطين اختُطفوا من قِبل مليشيا الحوثي الشيعية التي باتت تسيطر على مفاصل الدولة في العاصمة اليمنية، موجة استياء عارمة في الوسط الحقوقي اليمني، وعلى مستوى الداخل والخارج.. واعتبر عشرات الناشطين التعذيب الذي تعرض له ناشطون عملاً إجراميًّا شنيعًا يتناقض مع حقوق المواطنة التي جاءت بالدستور اليمني النافذ.
وقد أدانت منظمة العفو الدولية تعرّض ناشطين لأعمال تعذيب شنيع من قبل مليشيا الحوثي، ومنهم صالح البشري الذي قامت بتعذيبه مليشيا الحوثي على مدى ثلاثة أيام متواصلة.
وأضافت منظمة العفو الدولية بأن الحوثيين يرتكبون جرائم تعذيب مروعة وأن خبراء لها موجودون في اليمن جمعوا شهادات مروعة عن كيف تقوم جماعة الحوثي المسلحة بتعذيب المتظاهرين في محاولة لثنيهم عن المعارضة.
ونقلت شهادات عدد ممن اعتقلوا بجانب البشري، ومنهم علي طاهر الفقيه (34 عاماً) وعبدالجليل الصباري (40 عاماً)، وقالت المنظمة: إنهم اعتقلوا خلال مظاهرة سلمية في صنعاء يوم 11 فبراير بجانب صالح البشري، وهو أب لسبعة أطفال يبلغ من العمر35 عاماً، والذي توفي في وقت لاحق من إصابات لحقت به بعد ساعات من التعذيب.
وقالت المنظمة أيضاً: إن المعتقلين الثلاثة، جنبًا إلى جنب مع الناشط الرابع، الذي لم يتعرض للتعذيب، تم نقلهم إلى مكان مجهول، حيث احتجزوا في الطابق السفلي حتى مساء يوم 13 فبراير.
وأشارت إلى أن خبراء منظمة العفو الدولية التقت المعتقلين في 15 فبراير، وكانت علامات وآثار التعذيب لا تزال واضحة جدا مع كدمات عميقة، وفي حالة عبدالجليل الصباري ما تزال الجروح مفتوحة على أردافه.
وقال علي طاهر الفقيه لمنظمة العفو الدولية: “منذ اختطاف صالح البشري لم أره مرة أخرى حتى أطلق سراحنا في حوالى الـ 2 صباحاً، صلاح لا يمكنه التحرك أو الوقوف، ولا حتى عندما حاولنا مساعدته، عندما وصلنا إليها لم يستطع الكلام، كان يهمس (أنا عطشان) (أنا عطشان)”.
وأضاف الفقيه للمنظمة: “ذهبنا إلى المستشفى، حيث أعطي صالح بعض الرعاية الأساسية.. كان هناك حوثيون يملأون المستشفى، وبعضهم بملابس عسكرية، وكنا خائفين أن يتم اختطافنا مرة أخرى حتى غادرنا المستشفى، وتم أخذنا إلى المنزل بعد ساعتين، لكن ظروف صالح تدهورت، وتوفي في الطريق”.
وقدم علي طاهر الفقيه تفاصيل الاستجواب الذي تعرض له:
“أجلسوني أول ما وصلت وسألني عن عملي، المظاهرات التي شاركت فيها، قادة الاحتجاجات، علاقاتي مع السفارة الأميركية ومع المنظمات المعارضة لأنصار الله (الجناح السياسي الحوثي).. كنت معصوب العينين، ويدي مقيدة لخلف ظهري، وأرجلي مقيدة، جعلني أنبطح في ممر ضيق وبدأوا بضربي بالعصي على الأرداف، استمر الضرب لفترة طويلة، ربما لبضع ساعات، كان الألم مبرحًا، واستمروا يقولون: إن عليّ الاعتراف، عندما توقفوا كنت شبه فاقد للوعي، وكان عليهم مساعدتي”.
تحدثت منظمة العفو الدولية – أيضًا – إلى فؤاد أحمد جابر الهمداني، وهو ناشط معروف، يبلغ من العمر 34 عامًا، الذي اختطف من مظاهرة صغيرة جدا في صباح يوم 31 يناير.. واحتجز لمدة 13 يومًا في أربعة مواقع مختلفة، وتعرض للتعذيب أيضًا.. لا يزال لديه كدمات عميقة في أسفل ظهره.
وأضاف: “عصبوا عينيي، وقيدوا يدي وقدمي، وجعلوا وجهي للأسفل على مقعد ضيق، وضربوني على الأرداف وأسفل الظهر بالعصا أو الحديد حتى أغمي عليّ.. قالوا: ‘سوف تتحدث أو أن نجعلك تتحدث؟.. “اتهموني بالحصول على المال من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والروابط مع الإرهابيين الإخوان المسلمين، وبعض الشخصيات المرتبطة بالنظام السابق.. بعد أربع ساعات من الضرب المستمر، حيث أغمي علي عدة مرات، وافقت على كتابة اعتراف”.
وحذرت من عدم تنظيم مظاهرات أو الاتصال بالمعارضين للحوثيين، ودفعوني إلى شارع الزبيري، وبقيت ملقىً على الرصيف، لا أستطيع التحرك حتى أنقذني أحد المارة”.
وقالت روفيرا: “يجب على الحوثيين الوقف الفوري لأساليب غير قانونية من الاعتقالات التعسفية والتعذيب وغيره من أشكال إساءة المعاملة”.. وأضافت: أنه يجب على المدعي العام اليمني التحقيق فورًا في هذه وغيرها من الحالات المشابهة وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة.
المخلافي ضحية جديدة
الأحد الماضي أفرجت مليشيا الحوثي عن الناشط رشاد المخلافي، الذي قال إنه تعرض للتعذيب لمدة أسبوعين في سجون مليشيا الحوثي بعد اختطافه خلال مشاركته بتظاهرة سلمية بصنعاء تناهض التواجد الحوثي، وقالت المصادر: إن المخلافي ظهرت عليه أثار تعذيب في أجزاء متفرقة من جسمه، وخاصة في المناطق الحساسة من جسده، كما يعاني من كسر في أحد أضلاعه، وكان المخلافي قد عثر عليه في وقت متأخر من الليل في أحد شوارع العاصمة مغميًّا عليه من آثار التعذيب.
وقد تعرض عشرات الشباب للاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب بطريقة وحشية من قبل مليشيا الحوثي تتنافي مع مباديء حقوق الإنسان،وتم رصد اختطاف عشرات الناشطين في العاصمة صنعاء ومحافظات إب وتعز والحديدة،منذ بداية شهر فبراير 2015م
ففي محافظة إب دانت حملة «من أجل وطن آمن» اختطاف الناشط أحمد هزاع، وتعذيب المصور محمد المعلمي من قبل مليشيا الحوثي في محافظة إب.
واستنكرت «من أجل وطن آمن» تعذيب مليشيات الحوثي في إب للمصور محمد المعلمي، وكذا اختطاف الناشط هزاع على ذمة رفض الانقلاب.
وفي محافظة الحديدة أقدم مسلحو الحوثي باختطاف الشيخ محمد سعد الحطامي وطفليه إلياس وعزام بعد حصاره بسيارات مسلحين، وهو في طريقه إلى منزله، وأودعوه في سجن خاص بهم وقاموا بتعذيبه في أنحاء متفرقة في جسمه، والشيخ محمد سعد الحطامي داعية وخطيب جامع فاطمة، ورئيس مؤسسة الزهراء الخيرية، ومن الشخصيات الاجتماعية في اليمن والحديدة.
وكانت مصادر حقوقية كشفت عن اختطاف 25 ناشطًا وإعلاميًّا خلال فعاليات مناهضة للإعلان الدستوري الحوثي، المُعلن من قبل مليشيا الحوثيين.
وقال نائب رئيس حركة “رفض”، المهندس بسام البراق: إن الناشطين تم اختطافهم من قبل مسلحين حوثيين، واقتيادهم إلى سجون العاصمة، فيما لا يزال الناشط فؤاد الهمداني مخفيًا قسرًا منذ أسبوع، ولا يُعلم مصيره.
الإعلاميون الأكثر انتهاكًا.
وفي ظل تواصل الانتهاكات ضد الصحفيين والإعلاميين، خلال الأسابيع الماضية، رصدت منظمة “صحفيات بلا قيود” أكثر من “20” انتهاكًا طالت الصحفيين والإعلاميين منذ بداية هذا الشهر “فبراير” من قِبل مليشيات الحوثي المسلحة.
وعبرت منظمة “صحفيات بلا قيود” عن قلقها من تزايد تدهور حرية الرأي والتعبير في بلادنا نتيجة الهجمة الشرسة والانتهاكات اليومية التي يتعرض لها الصحفيون والإعلاميون أثناء قيامهم بأدائهم المهني من قبل مليشيات جماعة الحوثي.
إننا في منظمة “صحفيات بلا قيود” ندين بأشد العبارات الاعتداءات والاعتقالات التي تشنها مليشيات جماعة الحوثي على الإعلاميين والصحفيين أثناء قيامهم بتغطية المظاهرات المناوئة للانقلاب، والمطالبة بسحب مليشيات الدولة من كافة مؤسسات وهيئات الدولة، كما تُعلن المنظمة عن تضامنها الكامل معهم.
وكشفت المنظمة عن 20 حالة انتهاك تعرض لها الصحفيون والإعلاميون منذ بداية شهر فبراير الحالي حتى الآن، واعتبرت المنظمة أن هذا الرقم يُعد مؤشرًا مخيفًا يهدد حرية الرأي والتعبير، ويدق ناقوس الخطر، وأنه على منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية أن تنتفض لحمايتها.
وقالت: إن عملية الاعتقالات احتلت المرتبة الأولى من بين الانتهاكات التي رصدتها المنظمة حتى الآن، كما أشارت إلى تصاعد حالة العِداء لدى مسلحي مليشيا الحوثي تجاه الصحف، حيث أقدمت تلك المليشيات – الخميس، الموافق 5/2/2015م – على اقتحام مقر صحيفة “أخبار اليوم” وإغلاق مطبعتها، واحتجزت عددًا من المحررين ورئيس تحريرها.
وأعدت المنظمة ذلك مؤشرًا خطيرًا، مما وصلت إليه هذه المليشيات من حالة الضيق والحنق لما تقوم به الصحف الأهلية.
ولفتت المنظمة أنها رصدت، خلال شهر يناير الماضي، قرابة 40 حالة انتهاك، فيما رصدت خلال النصف الأول من الشهر الحالي 20 حالة انتهاك.
وحذرت المنظمة من الزج بالصحفيين والإعلاميين في الصراعات والمخاطر المحدقة التي باتت تهدد حرية الرأي والتعبير، فإنها تحمّل جماعة الحوثي المسؤولية الكاملة تجاه ما يتعرض له الصحفيون والإعلاميون.
اترك رد