نقلت مندوبة منظمة “هيومن رايتس ووتش” معاناة عوائل عراقية في الموصل تعرضت لتهديدات بالتصفية والترحيل من منازلهم ومناطقهم التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش ونقلت معاناة لبعض الأسر منها أسرة تتكون من 14 فردا في بلدة القيارة (60 كم جنوبي الموصل)، التي استردتها القوات العراقية في أغسطس/آب، أخبرتني في مطلع مارس/آذار أنها طردت أحد أبنائها من البيت بعد انضمامه إلى داعش، ولكن السكان يعتبرونها عائلة داعشية. وعلى مدار 3 ليال في فبراير/شباط، رمى مهاجمون مجهولون قنابل يدوية من فوق سور البيت، فهشموا نوافذهم وحطموا الباب.
وأسرة أخرى من 12 فردا في الحي انضم ابنها إلى داعش، قالوا إنهم استُهدفوا بهجمتين بالقنابل اليدوية في فبراير/شباط. قال مقاتل بالمنطقة مؤخرا لأحد أطفالهم الصغار، وكان يلعب في الشارع، إن على العائلة مغادرة البلدة إلى مخيم للنازحين بسبب صلاتها بداعش، وفسروا هذا القول على أنه تهديد.
وأسرة ثالثة من 8 أفراد في حي قريب قالوا إن بيتهم استُهدف بقنبلة يدوية قبل ليلتين من زيارة المندوبة في مارس/آذار، وقبل شهر، أمسكوا بشخص كان يحاول إشعال النار في سيارتهم بالنفط.
وذكرت مندوبة المنظمة أن العائلات الثلاث تقدمت إلى الشرطة المحلية بشكاوى، لكن الشرطة لم تفعل شيئاً للبحث عن المعتدين أو معاقبتهم، على حد علمهم.
وتواصل المندوبة قائلة: أوقفني مسؤولون بالبلدة، ينتمون إلى “جهاز الأمن الوطني” الخاضع لقيادة رئيس الوزراء حيدر العبادي. حذروني قائلين إن على “هيومن رايتس ووتش” عدم زيارة من وصفوهم بعوائل داعش، بما أن الأمن يراقبهم للاشتباه فيهم، رغم الإقرار بأن لا أحد في تلك البيوت تورط في أية جرائم.
وذكر تقرير المنظمة أن السلطات العراقية التابعة للعبادي تمادت أكثر في يوليو/تموز 2016، حيث وافق مجلس محافظة بابل على قرار يطالب السلطات بهدم منازل من تثبت مشاركته في أنشطة إرهابية، وترحيل عائلاتهم من المحافظة، والتصريح بإجراءات قانونية ضد العائلات التي يثبت تسترها على أقارب ينتمون إلى داعش.
وفي أغسطس/آب وافق مجلس محافظة صلاح الدين على قرار مماثل، نصّ على أن كل من يثبت تعاونه مع داعش أو انتماؤه إليه – بما يشمل أقارب عناصر داعش – لا يحق له العودة إلى المحافظة. نصّ القرار على تشكيل لجنة لمصادرة ممتلكات المنتمين إلى داعش وتجميد بطاقاتهم وبطاقات عائلاتهم التموينية. تُعفى العائلات التي تقتل أو تسلم الأقارب المنتمين إلى داعش.
في يناير/كانون الثاني قامت وحدات قبلية سنية – “الحشد العشائري”، التابعة لـ “قوات الحشد الشعبي”، وهي قوات مسلحة تخضع لرئيس الوزراء – وجنود عراقيون، بترحيل ما لا يقل عن 125 عائلة قسرا، قيل إن لكل منها أقارب ينتمون إلى داعش، مع إرسال العائلات إلى مخيم يُستخدم كسجن في الهواء الطلق. بعد أن دمر المقاتلون بيوت بعض العائلات، يذكر أنه لا يوجد في المخيم مدرسة يرتادها مئات الأطفال المقيمين هناك.

سكان مخيم الشهامة يتلكمون مع أقاربهم من خلال سياج (صورة نشرتها المنظمة)
وذكر التقرير أن عائلات عراقية من محافظة الأنبار تعيش بمناطق احتلها داعش تواجه صعوبات مشابهة، ففي يوليو/تموز قال قادة محليون إن من روجوا لداعش لا يُسمح لهم بالعودة حتى تُراجَع الاتهامات المنسوبة إليهم.
وكذلك لا يُسمح لمن لا ينبذون الأقارب الداعمين لداعش بالعودة إلا بعد استقرار الوضع، ولا يعرف أحد متى سيستقر، وأكدت المنظمة بأن أمر العودة إلى الديار هو حق أساسي ويجب ألا يُربط بنبذ الأقارب أو إدلائهم بتصريحات أو تعهدات أخرى.
وشككت المنظمة في مناقشة المسؤولين الحكوميين وأعضاء المجتمع الدولي في بغداد مسألة المصالحة، واعتبرت تلك المناقشات غير مجدية لأنها لم تتناول بعد التطورات على الأرض، أو الخطوات التي يتخذها القادة المحليون والسكان الآخرون لمعاقبة تلك العائلات. إذا زاد تهميش العائلات، واستمر بقاء أطفالها بعيدا عن المدارس، فمن الصعب بحسب تقرير المنظمة تصوّر أن المصالحة الفعالة ستتحقق يوما ما.
اترك رد