وكالة «أسوشيتد برس» في تقرير لها: مليشيا الحوثي جندت أكثر من 18 ألف طفل وعوالم مظلمة عن جرائم بحق الطفولة

تابعت جمعية كرامة لحقوق الإنسان الأخبار التي وردت عن استمرار مليشيا الحوثي -التابعة للنظام الإيراني – في تجنيد الأطفال في الساعات التي أعقبت اتفاقية استكهولم بالسويد والتي نصت على إيقاف إطلاق النار، فقد نشرت صحيفة المصدر اليمنية تقريراً عن استمرار المليشيا في تجنيد العشرات من الأطفال لصفوف القتال في جبهات كالحديدة ونهم.

ونقلت الصحيفة عن مصدر خاص داخل مليشيا الحوثيين: إن الحوثيين نفذوا حملة استقطاب غير مسبوقة للأطفال، بحجة إرسالهم لحضور دورات تثقيفية.

وأشار إلى إنه يجري نقل الأطفال إلى أماكن مجهولة، وسط مخاوف من قيام الجماعة بنقلهم إلى جبهات القتال.

وأوضح المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إن الحوثيين استقطبوا عشرات الأطفال من عدة قرى بمديرية بني مطر غرب العاصمة صنعاء، ونقلوهم إلى جهة مجهولة، مؤكداً إن جميع من تم استقطابهم دون السن القانونية.

وأضاف «قاموا بأخذ 15 طفلا من قرية القطع، وستة أطفال من قرية هرامة، وخمسة آخرين من قرية قملان، وأربعة من قرية بيت النجراني»، علما بأن هذه القرى هي من عزلة الحدب بمديرية بني مطر.

وأشار إلى أن هناك قرى أخرى في بني مطر، أخذ الحوثيون منها عشرات الأطفال خلال الأسابيع القليلة الماضية، لافتا إلى أنه تم تسجيل عشرات القتلى من الأطفال منذ بداية الحرب من قرى بني مطر وحدها.

وقال المصدر «حملة الاستقطاب الأخيرة للأطفال في قرى بني مطر، وبعض قرى الحيمة، غير مسبوقة، ومن المؤكد أنهم يسعون لنقلهم إلى جبهات القتال، خصوصا أن عدد القتلى في صفوف الجماعة خلال الأسابيع الماضية كان كبيرا من أبناء المنطقة، بينهم أطفال».

وتعد مديرية «بني مطر» من المديريات التي يحظى الحوثيون فيها بمستويات ولاء كبيرة، خصوصاً في المناطق التي تتواجد بها أسر هاشمية، والتي كانت على ارتباط وثيق بمشروع «حسين الحوثي» منذ البداية.

وفي مديريتي الحيمة الخارجية والداخلية، يعمد الحوثيون إلى استقطاب الأطفال، حيث يقومون بنقلهم إلى مراكز ومعسكرات في صنعاء وخارجها، وهناك يتلقون جرعات من الفكر الطائفي، وأيضا دورات عسكرية، لتأهيلهم لخوض القتال، ثم يقومون بنقلهم للقتال في الجبهات المشتعلة.

وتشير التقارير والأرقام المتوفرة إلى أن آلاف الأطفال قتلوا وهم يقاتلون ضمن صفوف الحوثيين في مختلف جبهات القتال، خلال السنوات الأربع الماضية.

وتستمر مليشيا الحوثي بهذه الانتهاكات بحق الطفولة في اليمن تزامناً مع تقرير دولي نشرته وكالة «أسوشيتد برس» تورد كرامة نصه المترجم كالآتي:
شهادات:
منحَ الرقمُ المحفور على سوار يطوقُ معصم محمد الجندي البالغ من العمر 13 عاما الاطمئنان إزاء الصواريخ  التي تطلقها الطائرات الحربية للعدو، فتهز الأرض من تحته.
لمدة عامين حارب محمد مع المتمردين الحوثيين في اليمن ضد تحالف عسكري تقوده السعودية وتدعمه الولايات المتحدة. يقول: إنه عذَّب وقتل الناس، و لا يهتم سواء عاش أم مات. ولكنه إذا مات، فإن السوار سيضمن أن جسده سوف يصل موطنه.
يقول محمد: “عندما أصبح شهيدا ، سيدخلون رقم هاتفي في الحاسوب، لاسترجاع صورتي، واسمي، ثم  يتم طباعتها باسم الشهيد”، سيتم لصقها على غطاء تابتوته لاعادته إلى عائلته.
كان محمد من بين 18 من الجنود الأطفال السابقين الذين أجرت معهم وكالة “أسوشيتد برس” مقابلات، وصفوا فيها صرامة  الحوثيين فيما يتعلق بالتجنيد والنشر، وحتى قتل الأطفال في ساحات القتال لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات.
في حين، أنه خلال الحرب الأهلية التي امتدت لـ 4 سنوات، أرسل الجانبان كلاهما،أطفالاً إلى القتال، في انتهاك للمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، ويُعتقد أن الحوثيين قاموا بتجنيد أكثر من التحالف. وفي كثير من الأحيان كان يتم ذلك بالقوة.
وجند الحوثيون منذ بداية الحرب عام 2014، 18 أألف طفل في جيش التمرد،  وهو ما اعترف به مسؤول عسكري كبير في جماعة الحوثي(اشترط عدم ذكر اسمه لحساسية المعلومات) لـ “وكالة أسوشييتد برس”.
هذا الرقم أعلى من أي رقم تم الإبلاغ عنه سابقًا. وقد تمكنت الأمم المتحدة من التحقق من 2721 طفلاً تم تجنيدهم للقتال من أجل جميع أطراف النزاع. غالبيتهم العظمى من الحوثيين، لكن المسؤولين يقولون إن عدد الضحايا منخفض، نظرًا لامتناع عدد من العائلات عن التحدث عن هذه القضية خشية الانتقام من رجال ميليشيا الحوثي.
على المستوى الرسمي، يقول الحوثيون إنهم لا يجندون الأطفال، وإنهم يستبعدون أولئك الذين يحاولون التجنيد.
 بعض الأطفال قالوا لـ “أسوشيتد برس” إنهم انضموا إلى المتمردين عن طيب خاطر، وذلك بسبب الوعود بالمال أو بفرصة لحمل السلاح. لكن آخرين قالوا إنهم أجبروا على خدمة الحوثيين  (الذين تم اختطافهم من المدارس أو المنازل أو إكراهوا على الانضمام في مقابل إطلاق سراح أحد أفراد العائلة المحتجز).
يمكن رؤية العديد من الأشخاص يقومون بحراسة نقاط التفتيش على طول الطرق الرئيسية، في شمال وغربي اليمن، يتدلى على أكتافهم الضيقة كلاشنكوف من طراز AK-47. يبنما يتم إرسال الآخرين إلى الخطوط الأمامية كجنود مشاة.
يقول رياض ( 13 عاماً )، إن نصف المقاتلين الذين خدم معهم في الخطوط الأمامية في منطقة “صرواح” الجبلية في اليمن كانوا من الأطفال. وقال إن ضباط المتمردين أمروهم بالمضي قدما خلال المعارك، حتى مع تحليق طائرات التحالف في سماء المنطقة.
وقال إنه ناشد قائده أن يترك المقاتلين الشباب يغطون أثناء الغارات الجوية: “سيدي ، الطائرات تقصف”، إلا أن الرد كان دائما: “يا أنصار الله، يجب أن تهاجموا !”.
عدد غير معروف من الأطفال تم اعادتهم إلى منازلهم في توابيت.
منذ بداية الحرب في اليمن، قتل أكثر من 6000 طفل، أو تعرضوا للتشويه، وفقًا لما ورد عن “اليونيسف” في أكتوبر/ تشرين الأول. بيد أن وكالة الأمم المتحدة لم تتمكن من تحديد عدد هؤلاء المقاتلين القاصرين، كما أن وزارة الدفاع التي يديرها الحوثيون لا تكشف عن سجلاتها الخاصة بالإصابات.
وقال معلم سابق من مدينة ذمار إن ما لا يقل عن 14 تلميذا من مدرسته، تم تجنيدهم، ثم لقوا حتفهم في المعارك، وتم وضع صورهم على مقاعد الصفوف الفارغة في عام 2016، خلال أسبوع الشهيد الذي يحتفل به الحوثيون في شهر فبراير كل عام.  وقال إن معظمهم كانوا من طلاب الصف الخامس والسادس.
وقد  أكد مسؤول في قطاع التعليم من ذمار روايته، واشترط الاثنان عدم الكشف عن هويتهما، خوفًا من العقاب.
وقال المعلم إن بعض أباء وأمهات القتلى، هم من القيادات لدى الحوثيين، ممن أرسلو أبنائهم  صواعيةً إلى الخطوط الأمامية. وقال: “إنه أمر مؤلم، لأن هذا طفل _وهم جميعًا أطفالي_ لأنني معلمهم”. “أن يتم أخذهم من المدرسة، فيعودون في أكفانهم”.
قبل أسبوعين، بدأ الحوثيون وقوات التحالف مشاورات السلام في السويد، غير أن نهاية الحرب تبدو بعيدة المنال. وهو ما يجعل الكثيرين يشعرون بالقلق حول ما سيحدث للأطفال الذين قاتلوا في أفقر دول الشرق الأوسط، بمجرد التوقيع على معاهدة السلام.
يقول نجيب السعدي، وهو ناشط يمني في مجال حقوق الإنسان، أسس مركزًا استشاريًا بتمويل من السعودية، في مأرب للأطفال المجندين: “إن المشكلة الحقيقية مع تجنيد الأطفال الحوثيين ستشعر بها خلال 10 سنوات، عندها ينشأ جيل تم غسل ادمغته بالكراهية والعداوة تجاه الغرب”.
وقودٌ الحرب:
بدأت الحرب بعد أن انحدر المتمردون الحوثيون من المرتفعات الشمالية في أواخر عام 2014، واستولوا على العاصمة صنعاء، ثم اتجهوا نحو الجنوب.، ما حدا بالحكومة اليمنية المعترف بها دوليا إلى الاستنجاد بالسعوديين وغيرها من الدول النفطية، والتي شكلت تحالفًا عسكريًا ضد الحوثيين.
وكانت النتيجة، نشوب حربٍ بالوكالة بمقدار حرب أهلية، بين القوات المدعومة من السعودية التي تقاتل “الحوثيين”، وهم جماعة دينية وسياسية لها صلة بإيران، وتنتمي إلى الزيدية الشيعية.
وقال تقرير صدر عن لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة في أغسطس: إن الجانبين يستخدمان الأطفال المجندين. وإن لديها (أي اللجنة) معلومات بأن قوات التحالف استهدفت “الأطفال الضعفاء بشكل خاص” الذين يعيشون في مخيمات النازحين و “قدمت نفقات كبيرة لمن يقومون بتجنيد الأطفال”.
وقال التقرير إن وحدات التحالف “كثيرًا ما تستخدم الأطفال في أدوار الدعم ، على الرغم من استخدامها أيضا في القتال على الخطوط الأمامية”.
ولاحظ الفريق أن قرابة ثلثي الأطفال المجندين، الذين حددتهم الأمم المتحدة عام 2017 قد نشرهم الحوثيون وحلفاؤهم.
ويقوم الحوثيون باستمرار بتجنيد مقاتلين جدد، لأن صفوفهم تتقلص بسبب خسائر ساحة المعركة. ويقول الخبراء الذين يدرسون الحرب إن وحدات التحالف ذات التمويل الجيد والمجهزة، لديها ما يقرب من 140 ألف جندي في الميدان.
وذكر المسؤول العسكري الحوثي لــ”وكالة الأسوشييتد برس” أن قوات المتمردين لديها 60 ألف مقاتل على الخطوط الأمامية. ويقدر خبراء أجانب قوام قوات الحوثيين ما بين  15 ألف و 50 ألف مقاتل.
ويشيد كبار المسؤولين الحوثيين على صغار السن من الجنود، الذين ماتوا في صراع، يصفونه بالحرب المقدسة ضد أمريكا وإسرائيل، وغيرها من القوى الأجنبية، التي يعتقدون أنها تحاول السيطرة على البلاد. وفي ظل سيطرة احوثيين على وزارة الدفاع، أطلق المتمردون ما أسموه “حملة التطوع الوطنية الطوعية”.
العميد يحيى ساري، وهو متحدث باسم القوات المسلحة للحوثيين، قال لـ “أسوشيتد برس”: إنه “لا توجد سياسة عامة لاستخدام الأطفال في المعارك”، غير أنه أقرَّ بأن بعض المتطوعين الصغار ينضمون للقتال.
قال الجنرال: “إنها مبادرة شخصية”. فبعض الأطفال لديهم دافع من الرغبة في الانتقام. ويعتقدون أنه من الأفضل أن يتخذوا إجراءات ويقاتلون بشرف بدلاً من أن يقتلوا داخل منازلنهم”. وعندما يحاولون الانضمام، فإن قيادات الحوثيين “يعيدونهم إلى ديارهم” حد قوله. كما أنه رفض روايات الأطفال التي ذكروها لـ “وكالة الأسوشييتد برس”، قائلًا إن ادعاءاتهم كانت دعاية للتحالف.
وذكر أطفال وآباء ومربون وأخصائيون إجتماعيون وغيرهم من اليمنيين، ممن قابلتهم “وكالة الأسوشييتد برس” أنها حملة عدوانية تستهدف الأطفال، وليست دائماً طوعية بالكامل.
 يستخدم المسؤولون الحوثيون سيطرتهم على هيئة السجل المدني وسجلات الدولة الأخرى لجمع البيانات التي تسمح لهم بتضييق نطاق قائمتهم المستهدفة من الأسر الأكثر احتياجا في القرى ومعسكرات النازحين، كون قبولهم العروض المالية مقابل التجنيد محتملًا بشكل أكبر.
في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، يقوم المجندون بالذهاب من دار إلى دار لإخبار الأباء أن  عليهم إما تسليم أبنائهم أو دفع مقابل مالي للمجهود الحربي، بحسب السكان.
“أسوشيتد بريس” قابلت  18 جنديا من الأطفال السابقين في مخيمات النازحين ومركز استشاري في مدينة مأرب، التي يسيطر عليها التحالف تقوده السعودية وتدعمه الولايات المتحدة. لقد جاءوا إلى مأرب بعد أن فرّوا بعيداً عن قوات المتمردين أو أسرتهم قوات التحالف.
نظرًا لأعمارهم ولأن بعضهم يقرّون بارتكاب أعمال وحشية، فإن “أسوشيتد برس” لا تستخدم سوى أسمائهم الأولى. فبعض الأطفال منحوا أنفسهم أسماء للحرب، بعد انخراطهم في القتال. فعلى سبيل المثال، أطلق أحد الفتيان، في الــ 10 من عمره، على نفسه اسم “أبو نصر”.
وقال صبي في الــ13 من عمره ويدعى صالح لـ “أسوشيتد برس”: إن رجال ميليشيا الحوثيين اقتحموا منزل عائلته في منطقة “بني مطر” (شمالا)  صباح يوم سبت، وطالبوا منه هو ووالده زيارتهم إلى الخطوط الأمامية.و إن والده قال لهم: “ليس أنا وابني”، ثم حاول أن يُشهر بندقيته عليهم. :تستدعي الصبي تذكرهم قائلًا: “لقد جروه بعيداً.. سمعت الرصاص.. ثم سقط أبي ميتًَ”.
ويقول صالح إن رجال الميليشيا أخذوه معهم وأجبروه على أداء واجب الحراسة في نقطة تفتيش لمدة 12 ساعة يوميًا.
لا يسمح لوكالات الإغاثة الدولية العاملة في برامج حماية الطفل في شمال اليمن بمناقشة تجنيد الاطفال، خشية أن يتم منع  وكالاتهم من إيصال المساعدات إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وفقاً لـ 4 من عمال الإغاثة _الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم_ يقول أحدهم:  إن مناقشة تجنيد الاطفال تعد من المحرمات.
أما عبد الله الحمادي، نائب وزير التعليم السابق الذي انشق في وقت سابق من هذا العام من الحكومة التي يسيطر عليها الحوثيون، فقال: “إنهم لا يثيرون القضية”. وإن الأطفال المستهدفين بالتجنيد ليسوا أبناء عائلات حوثية هامة أو من كبار القادة. بل هم في العادة أطفال من قبائل فقيرة يتم استخدامهم “كحطب للحريق في هذه الحرب”.
في القرى والبلدات الصغيرة، تضم شركات التوظيف المراهقين الذين يعمل أخوانهم أو آبائهم مع الحوثيين. ويمكن رؤيتهم وهم يتسكعون حول المدارس ويوزعون التبغ الممضوغ ومحاولة إقناع الأولاد بأن يصبحوا مقاتلين.
وذكر العديد من سكان صنعاء لــ”وكالة أسوشييتد برس” أن الحوثيين يقسّمِون العاصمة إلى كتل أمنية، وكلٌ منها يشرف عليها مشرف، و يتوجب على كل مشرف أن يجلب نسبة من  المجندين الجدد. كما يجمع معلومات عن العائلات التي تعيش في كتلته من خلال طرق أبواب كل منزل وطلب عدد الأعضاء الذكور وأسمائهم وأعمارهم.
وقال صحفي يمني كان يعمل في مناطق سيطرة الحوثيين _وقد فر هو وعائلته إلى مأرب، وهي معقل التحالف، لأنه كان يخشى من أن يحاول المتمردون تجنيد أطفاله_ (اشترط عدم الكشف عن هويته بسبب مخاطر الحديث عن المتمردين): “يبدو الأمر عشوائيًا من الخارج، لكن في الواقع ليس كذلك”. “هناك فرق ذات مهام محددة وبنية واضحة”.
ويؤكد المجندون الحوثيون للعائلات أنه لن يتم تخصيص أبنائهم لمناطق المعارك ، ولكن سيتم إرسالهم للعمل خلف الخطوط في نقاط التفتيش على الطرق. وبمجرد أن يسيطر رجال الميليشيات على الأطفال ، فإنهم يرسلونهم في كثير من الأحيان إلى معسكرات التلقين والتدريب ، ثم الخطوط الأمامية ، وفقا لطفلين قابلتهما وكالة الأسوشييتد برس ومسؤولون من مجموعتين لحماية الأطفال. تحدث المسؤولون بشرط عدم الكشف عن هويتهم بسبب المخاوف من أن الحوثيين قد ينتقمون عن طريق منع مجموعاتهم من العمل في اليمن.
الحوثيون الذين يقومون بمهمة التجنيد، يؤكدون للعائلات أنه لن يتم تخصيص أبنائهم لمناطق المعارك، وانما سيتم إرسالهم للعمل خلف الخطوط في نقاط التفتيش على الطرق. وبمجرد أن يسيطر رجال الميليشيات على الأطفال، فإنهم يرسلونهم في كثير من الأحيان إلى معسكرات التلقين والتدريب، ثم إلى الخطوط الأمامية، وفقا لطفلين قابلتهما وكالة “أسوشييتد برس” ومسؤولين من مجموعتين لحماية الأطفال، تحدثا للوكالة بشرط عدم الكشف عن هويتهم بسبب المخاوف من انتقام الحوثيين بمنع مجموعاتهم من العمل في اليمن.
الأطفال الذين قابلتهم “أسوشييتد برس” قالوا إنهم استهدفوا من قبل القائمون بالتجنيد في ملاعب كرة القدم، والمزارع، وخاصة من المدارس.
وقال كهلان (12 عاماً) إن رجال ميليشيا الحوثي أخرجوه مع 20 من زملائه في الصف في شاحنة صغيرة وأخبروهم أنه تم أخذهم إلى مكان يحصلون فيه على حقائب مدرسية جديدة.
كانت تلك كذبة.. فبدلاً من ذلك، وجدوا أنفسهم وهم في زيهم المدرسي داخل معسكر تدريبي لتلقي تعليمات حول كيفية الاختباء من الضربات الجوية.
مفتاح الجنة:
في البداية عادة ما يتم أخذ  المجندين الجدد أولاً إلى “مراكز الثقافية” للدورات الدينية التي تدوم ما يقارب الشهر. يقرأ فيها المعلمون بصوت عالٍ للأطفال من محاضرات مؤسس الحركة الحوثية، حسين بدر الدين الحوثي، الأخ الراحل للزعيم الحالي عبد الملك الحوثي.
حيث يتم تعميم المحاضرات التي يعود تاريخها إلى عام 2002 على هيئة صوت وفيديو ونقلها إلى كتيبات تعرف باسم “ملازم”.
لقد قيل لهم إنهم ينضمون إلى حرب مقدسة ضد اليهود والمسيحيين والدول العربية التي استسلمت للنفوذ الغربي، وإنه إذا مات الأولاد في القتال، فسوف يذهبون إلى الجنة. ويقوم المدربون بتغذية الغضب لدى المجندين بحسابات هجمات قوات التحالف التي قتلت المدنيين، بما في ذلك غارة جوية في أغسطس/آب أصابت حافلة مليئة بأطفال المدارس.
يقول محمد، وهو صبي خدم مع الحوثيين من سن 13 إلى 15 سنة: “عندما تَخْرُج من المركز الثقافي، فأنتَ لا تريد العودة إلى المنزل إنما تريد أن تذهب إلى الجهاد”.
بعد ذلك يتم إرسال المجندين إلى معسكرات التدريب العسكرية في الجبال، وفقًا للعديد من الأطفال الذين انشقوا عن الحوثيين. وفي الليل، ينامون في خيام أو أكواخ مصنوعة من فروع الأشجار. وبعد ها بيوم، يتعلمون كيف يطلقون الأسلحة ويزرعون المتفجرات ويتحاشون الصواريخ التي تطلقها طائرات التحالف.
من الظهيرة إلى غروب الشمس، يحصل الجنود الصغار على حصة يومية من أوراق القات الخضراء، وهو منبه خفيف تقوم الغالبية العظمى من اليمنيين بمضغه كل يوم. فالحصول على القات يعد حافزًأ للأطفال من الأسر الفقيرة، الذين قد لا يكونون قادرين على تحمل تكاليفه في المنزل.
وبعد أقل من شهر من المعسكر، يتم إرسالهم إلى الحرب، فيرتدون الأساور التي من المفترض أن تضمن عودتهم إلى عائلاتهم في حال مقتلهم ويُكرمون كشهداء.
يسمي الأطفال نقشهم بـ”رقم جهادي”، بينما يطلق منتقدو الحثي على اساور الأطفال “مفتاح الجنة”.
قال بعض الأطفال، إنهم عندما وصلوا إلى مناطق القتال، فإن أسلحةهم ومعتقداتهم  جعلتهم يشعرون بالقوة. بينما شعر آخرون بالخوف فقط.
في مسرح أطول معركة في الحرب، قاتل محمد في تعز ومحيطها.. وفي أحد الأيام، أسر رفاقه مقاتلاً من قوات التحالف ونقلوه إلى مطعم كان قد تعرض للقصف، لاستجوابه… يقول محمد  (14 عامًا) إنه جلب نابظًا كهربائيًا وعقده إلى السجين. وقال إنه أرسل صدمات كهربائية إلى جسد الرجل، حيث استجوب قائده الأسير حول مواقع قوات التحالف.
وعندما انتهى الاستجواب، أعطى قائده الأمر أنْ: “تخلص منه”. وقال محمد إنه أخذ أداة معدنية ثقيلة، ثم أدخلها في لهب، ثم هوى بها في مؤخرة رأس الرجل، ويستذكر محمد قائلا  “إذا قال سيدي اقتل، كنت سأقتل …. سأفجر نفسي من أجله”.
يقول رياض (13 عاما) الذي حارب في جبال صرواح انه وشقيقه البالغ من العمر 11 عاما، ومرة أطلقت وقتلت جنديين من العدو، كانا قد رفضا إلقاء اسلحتهما.
ولكنه يقول إنه في أغلب الأحيان، كان يغلق عينيه بإحكام عندما يطلق النار من بندقيته. ويقول “بصراحة،عندما أخاف، لا أعرف أين أقوم بإطلاق النار  في بعض الأحيان في الهواء وأحيانا عشوائيا”.
يذكر رياض أن اللحظة الأكثر إثارة للرعب جاءت عندما اختفى أخوه أثناء تبادل لاطلاق النار، قائلاً “كنت أبكي”. “أخبرت القائد أن أخي قد استشهد.”
بدأ بتدوير الجثث في ساحة المعركة، وبحث في الوجوه الدامية عن أخيه الضال عندما تعرض هو ومقاتلون آخرون للنيران. أطلقوا النار مرة أخرى. ثم، بعد بعض الصراخ ذهابا وإيابا، أدرك أن مطلق النار لم يكن مقاتلا عدو ولكن أخاه، المفقود في ضباب المعركة… وبعد بضعة أسابيع، هربت الرياض وأخوه، ودفعوا لسائق شاحنة من أجل تهريبهم بعيداً عن قوات الحوثي.
 كحلان، تلميذ المدرسة الذي تم إغراءه بالقتال بوعد بحقيبة كتب جديدة ، تم تعينه لأول مرة لحمل صناديق الطعام والذخيرة للجنود. ثم تم نشره للقتال. وقال إنه لم يكن لديه ولا لدى الفتيان الآخرين أي ملابس غير زيهم المدرسي. كانت قاسية جدا، أصابتني بطفح جلدي.
تحركت طائرات التحالف فوق رؤوسهم ، وألقت القنابل وأطلقت الصواريخ على مواقع الحوثي… بعد ذلك، توغلت الشاحنات لجمع الموتى.
“كان منظر الجثث مخيفًا”، كما يذكر كهلان، مستخدمًا يديه في وصف كيف كانت الجثَّث منزوعة الرؤوس أو الأطراف أو كانت أمعاءها تنزف.
فرّ كهلان من معسكر الحوثي في ​وقت مبكر صباح أحد الأيام ، من قرية إلى أخرى. يقول: “كنت أخشى أن ننظر إلى الوراء. رأيت الأشجار والحجارة وأصبحت أكثر خوفا لأنهم كانوا يختبئون خلف الأشجار “.
جلسات الاستماع:
انتهى المطاف بمحمد والرياض وكحلان في مأرب، في مركز لإعادة تأهيل الأطفال الذين خدموا كجنود  لدى الحوثيين. منذ أيلول/ سبتمبر 2017 ، حضر ما يقرب من 200 صبي إلى المركز، الذي أسسته مؤسسة وثاق للتوجيه المدني وتمويله بالأموال السعودية.
وقال مهيوب المخلافي، الطبيب النفسي بالمركز، إن الأعراض الشائعة بين جميع الجنود الأطفال السابقين هي العدوان المتطرف. انهم يعانون من القلق، ونوبات الذعر والعجز عن الانتباه.
 ويذكر البعض تعرضهم للضرب من قبل قادتهم، على حد قول إحدى المعلمات في المركز (تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها بسبب حساسية قضايا الاعتداء الجنسي)، حيث قالت إنها سمعت أيضاً تقارير من أطفال من طرفي القتال كليهما، حول تعرضهم للإيذاء الجنسي من قبل الضباط.
يجمع المركز الأطفال معاً من أجل “جلسات الاستماع” التي تساعدهم على تذكر حياتهم قبل إرسالهم إلى الحرب.
في يومه الأول في المركز، يقول محمد، إنه كان خائفًا.. لم يكن يعرف ماذا سيفعلون به هناك.. ويتابع: “ثم رأيت المعلمين وأعطوني مجالاً للبقاء فيه. شعرت بالارتياح بعد ذلك”.
تعيش والدة محمد في تعز، في منطقة يسيطرة عليها الحوثيون ، لذلك لا يمكنه العيش معها. لديه أقارب آخرين وينتقل من منزل إلى آخر. وقال إنه في بعض الأحيان ينام في الشارع.

لم يعد يمتلك سواراً بالرقم التسلسلي الذي أعطاه الحوثيون كجزء من وعدهم بأن يحصل على جنازة الشهيد…. يقول إنه عندما انشق، أرسله أخوه الأكبر ليُستَجوَب من قبل سلطات التحالف.  وفي أثناء التحقيق، أخرج ظابط الأمن مقصًا وقطع السوار من معصم محمد.

رابط الموضوع الأصلي:

اترك رد

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: